(بأي حال جئت يا عيد)، مقولة رددها العراقيون بمرارة قبل بضعة أيام، لعل أكثر من تنطبق عليهم هم ضحايا تفجيرات الكرادة، فبدلا من نشر التبريكات والتهاني بالعيد، انصرفنا لتبادل التعازي، ومواساة أهلنا وأحبتنا في مصابهم الجلل، فأقمنا المآتم في أرجاء بغداد وضواحيها. أي عيد هذا الذي تحولت فيه زغردات أطفالنا إلى عويل وصراخ ؟. وأي زمن هذا الذي تدهورت فيه أحوالنا، وساءت فيه أمورنا، حتى صرنا هدفا لهجمات الكلاب التكفيرية الضالة ؟. أيامنا كلها كربلاء. بيوتنا كئيبة عنوانها البكاء والفزع. شوارعنا معزولة يخيم عليها الحزن والجزع. جدران ناطقة تتشح بالسواد. أجساد بريئة طاهرة ممزقة، بعثرتها شظايا العبوات الناسفة. قوافل الشهداء لم تتوقف منذ أيام. فهل نهنئ أهلنا بالعيد، الذي فقد نكهته، أم نعزيهم بالدماء التي سالت فوق أرصفة (الكرادة) ؟. التكفيريون والإرهابيون يعتنقون صناعة الموت منذ اليوم الذي غرقوا فيه في أوحال مستنقعات الرذيلة، ويسعون لتدميرنا وتخريب بيوتنا دونما سبب. أو لأسباب طائفية ابتكروها بتوجهاتهم الضالة، ونشروها بممارساتهم الإجرامية المنحرفة كمحصلة للأفكار المترسبة في تلافيف أدمغتهم المشفرة. لو أراد الإرهابيون والتكفيريون أن يعودوا لصوابهم، لنهلوا من منابع الإسلام ونهجه الإنساني المشرق، وغادروا الأوكار المظلمة، التي يختبئ خلفها ابن تيمية ورهطه، فالإسلام دين الحياة، ودين العطاء والبناء والنماء، ولا مكان فيه لأعداء الشعوب والأمم. اللهم بحق العراق وأهله، وبحق قدسية الأرض التي اخترتها مهبطا لأول أنبياؤك، ومنطلقاً لأكبر سفنك، ومهدا لولادة خليلك إبراهيم، ومثوى لأئمتنا الأطهار، وانتخبتها من دون البلدان مركزا للسلالات البشرية المتحضرة، وجعلت هذه الأرض أقوم البلدان قبلة، وأعذبها دجلة، وأقدمها تفصيلا وجملة، نسألك أن تخسف الأرض تحت أقدام، الذين اشتركوا في ارتكاب هذه المجزرة، ونسألك أن تخزي فقهاء السوء الذين أفتوا بسفك دمائنا، ونسألك أن تدحر الملوك والزعماء الذين أسرجوا وألجموا وتنقبوا لترويع أبناء هذا الشعب المنكوب المسالم. اللهم إنا نشكو إليك ضعف قوتنا، وقلة حيلتنا، وتكالب الأعداء علينا، وهواننا على العرب العاربة والعرب المستعربة، إلهي لقد عظم البلاء، وانقطع الرجاء، وأنت المُستعان، وإليك المُشتكى، ولا حول ولا قوة لنا إلا بك، أنت منقذنا ونعم المنقذ. |