من اجل حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان. تحت هذه اللافتة حاول الجيش التركي إسقاط اردوغان وحزبه العدالة والتنمية وبغض النظر عن فشل هذه المحاولة الا انها عكست تطيّر المؤسسة العسكرية من سياسات اردوغان الخاطئة على مدى السنوات الأخيرة على مستوى المشاكل الداخلية والخارجية، حيث نجح اردوغان وحزبه في صناعة الأعداء داخل وخارج تركيا عبر سياسة خارجية فاشلة مبنية على التدخل في شؤون الآخرين والتعامل باستعلاء وعجرفة مع الحكومات والدول المجاورة.
ولقد شهدت تركيا في زمن اردوغان العديد من الانتهاكات في حقوق الإنسان لا سيما في التعامل مع الإعلام والحريات الصحفية التي تم تضييقها الى حد كبير بعد ملاحقة الصحفيين والإعلاميين المناوئين لأردوغان وسياساته الخاطئة. ولقد أثبتت الأحداث في تركيا تغطرس اردوغان في التعامل مع الاحزاب والقوى السياسية التركية الاخرى ومحاولة الانفراد بالسلطة عبر محاولات معروفة ومنها تغيير الدستور بما يخدم مصالحه الحزبية الضيقة وتهميش القوى السياسية الفائزة في الانتخابات.
ومن جانب آخر لم يكن اردوغان موفقا في سياسته الخارجية لا سيما في ملف مكافحة الإرهاب والتدخلات التركية السافرة في الشؤون الداخلية لدول عديدة منها العراق وسوريا ومصر وايران ولقد حصدت تركيا ما زرعه اردوغان من عداء مع دول كبيرة ومهمة كروسيا بعد حادث إسقاط الطائرة الروسية وما تسببت به هذه الحادثة من تداعيات سياسية واقتصادية بالإضافة الى دعم اردوغان لمجموعات ارهابية وتسهيل مرورها الى سوريا حيث تتفق جميع دول العالم في الشرق والغرب على ان تركيا كانت راعية للإرهاب الذي يضرب جميع دول العالم وممرا آمنا له إضافة الى تعاملها مع «داعش» والتنظيمات الإرهابية في ملف النفط المهرب من العراق وسوريا وتهريب الآثار.
إلا ان انقلاب «داعش» ضد حليفها اردوغان تسبب في فوضى أمنية في تركيا وتفجيرات كثيرة اضرت بأمن المواطن التركي الذي أصبح يحمّل اردوغان مسؤولية تلك التفجيرات لاحتضانه للإرهاب ودعمه لعصابات تكفيرية لا يمكن الوثوق بها من اجل تنفيذ أجندات طائفية إقليمية. التساؤل الذي سيطرح قريبا هو: ما مدى تأثير هذه التحولات على ملف مكافحة الإرهاب في العراق وسوريا؟ وما هو تأثير ذلك على باقي الدول التي تحذو حذو تركيا في دعمها للارهاب؟ الجواب هو انه مهما كانت نتائج ما حدث في تركيا الا انه سيكون درسا لكل الأنظمة التي تساند «داعش» وتثق به وتدعمه إعلاميا وماديا ودرسا لكل الدول التي تصر على التدخل في الشؤون الداخلية لدول اخرى ولكل الطغاة الذين يتعاملون مع شعوبهم وجيرانهم باستعلاء وتعجرف.
اما ما يخص ملف مكافحة الإرهاب فانه لا بد ان يكون لتركيا موقف جديد وان ذلك كان واضحا من خلال دعوة اردوغان المتأخرة جدا قبل وقوع الانقلاب العسكري بالاستعداد لاصلاح العلاقات مع سوريا والعراق ونتمنى ان تكون هناك مواقف تركية جديدة تجاه الملفات التركية العالقة مع العراق وباقي دول المنطقة بما يخدم السلام في الشرق الأوسط.