قاسم الغراوي مقدمة في عام 1957، نشر الصحفي الهندي البارز ر. ك. كارانجيا (R.K. Karanjia) كتابًا بعنوان «خنجر إسرائيل» (The Sword of Israel)، ليكشف عبره خطط الحركة الصهيونية ودولة إسرائيل الوليدة آنذاك لتفكيك المنطقة العربية والسيطرة عليها. حملت الترجمة العربية للكتاب مقدمة كتبها الزعيم المصري جمال عبد الناصر، الأمر الذي أعطى الكتاب زخمًا سياسيًا وفكريًا في المنطقة. الكتاب لم يكن مجرد عمل صحفي، بل وثيقة تحليلية اعتمدت على مقابلات مباشرة مع قادة إسرائيل، وفي مقدمتهم موشيه ديان وزير الحرب، الذي تحدث ببرود عن مخططات تقسيم الدول العربية، معتبرًا أن العرب – كما قال بسخرية – “لا يقرأون”. محاور الكتاب الرئيسية 1. خلفية تأليف الكتاب •كارانجيا كان صحفيًا هنديًا تقدميًا، قريبًا من حركة عدم الانحياز. •أجرى مقابلات مع مسؤولين إسرائيليين وغربيين خلال زيارته للشرق الأوسط بعد العدوان الثلاثي على مصر (1956). •اكتشف وثائق ومخططات صهيونية متداولة في الأوساط الإسرائيلية تتعلق بتفكيك العالم العربي. 2. جوهر المؤامرة: مشروع تقسيم الوطن العربي الكتاب يضع أمام القارئ خارطة تجزئة العالم العربي، والتي ظهرت لاحقًا فيما عُرف بـ “الخطة الصهيونية لتفتيت المنطقة”. •العراق: تقسيمه إلى ثلاث دويلات: 1.دولة كردية في الشمال. 2.دولة سنية في الوسط. 3.دولة شيعية في الجنوب مرتبطة بإيران. •سوريا: تقسيمها إلى ثلاث كيانات: 1.دولة درزية. 2.دولة علوية. 3.دولة سنية في دمشق وحمص وحلب. •لبنان: تجزئته إلى دولتين: 1.دولة مارونية شمالية. 2.دولة شيعية في الجنوب. •مصر: إخراجها من دورها القيادي عبر: •دعم نزعات انفصالية في الصعيد. •السيطرة على قناة السويس. •الخليج العربي: •تشجيع النزعات القبلية والمناطقية. •إبقاء دوله الصغيرة تحت الهيمنة البريطانية والأمريكية لتأمين النفط. 3. الهدف الاستراتيجي لإسرائيل حسب ما ورد في الكتاب، المشروع الصهيوني يقوم على: •إضعاف العرب عبر تفكيكهم إلى دويلات طائفية وقبلية. •السيطرة على الموارد الحيوية (النفط، المياه، طرق التجارة). •التمدّد الاستراتيجي نحو: •قناة السويس (شريان مصر والعالم العربي). •نهر الليطاني (مياه لبنان). •الخليج العربي (النفط). 4. شهادة موشيه ديان: “العرب لا يقرأون” من أخطر ما ورد في الكتاب حوار كارانجيا مع موشيه ديان، حيث أظهر الأخير وثائق خطيرة تتعلق بمشروع تقسيم العرب، وحين استغرب الصحفي الهندي من جرأته في كشفها، رد ديان بابتسامة: “لا تقلق… العرب لا يقرأون.” الجملة حملت استخفافًا بالعقل العربي، ولكنها أيضًا كانت إدانة مريرة لحالة الضعف والتشرذم والتقاعس عن مواجهة المخاطر. 5. دلالات الكتاب التاريخية •الكتاب سبق نكسة 1967 بعقد كامل، وكأنه كان جرس إنذار مبكر لم يلتفت إليه كثيرون. •لاحقًا، كثير من المخططات التي حذّر منها ظهرت بشكل واضح في أحداث: •الحرب الأهلية اللبنانية (1975–1990). •الغزو الأمريكي للعراق (2003) وما تلاه من تفكيك مذهبي وعرقي. •الأزمة السورية بعد 2011. كتاب «خنجر إسرائيل» ليس مجرد عمل توثيقي قديم، بل هو بمثابة خارطة طريق للمشروع الصهيوني الغربي في المنطقة. •يكشف كيف جرى التفكير بتفكيك العالم العربي إلى كيانات صغيرة يسهل ابتلاعها. •يبين العلاقة بين الطائفية والتجزئة كأدوات استراتيجية. •يفضح مبكرًا الأهداف المائية والنفطية لإسرائيل في محيطها. واليوم، بعد مرور أكثر من ستة عقود، يُقرأ الكتاب كأنه وثيقة معاصرة، إذ ما زال الكثير من مضامينه حاضرًا في المشهد العربي الراهن، مما يجعله مرجعًا ضروريًا لفهم جذور أزمات المنطقة. |