الدكتور ليث شبر كثيرون يظنون أن ما نكتبه هنا أو هناك إنما هو مجرد مقالات متفرقة، أو خواطر عابرة تُساق لتسجيل موقف أو للتعليق على حدث، بينما الحقيقة أنها ليست سوى لبنات متصلة في مشروع متكامل، نسعى لبنائه كلمةً فوق كلمة وفكرةً فوق أخرى. فحينما نؤكد على فعل حسن أو موقف صحيح قد يراه البعض «مدحًا»، إلا أنه في الحقيقة تثبيتٌ لقيمةٍ ينبغي أن نشيد بها . ألم يقل النبي الأكرم : «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»؟ فالتنويه بالفضيلة ليس ترفًا، بل هو استمرار لنهجٍ قيمي يقوم على دعم الصحيح من أجل إصلاح الفاسد. ولا ينبغي أن نستهين بالكلمة؛ فلولا كلام الله الذي نزل على النبي الكريم لأكثر من عشرين عامًا، لما كان لدينا اليوم إسلام ولا مسلمين. فالكلمة في جوهرها هي التي صنعت الدين، وبها تُبنى المجتمعات وتُصاغ العقول وتُقاد الأمم. لذلك فالذي يستخف بالكلمة يستخف بالأساس الذي قامت عليه الحضارات. ولعلنا نتفرد بين كُتّاب المقالات والسياسيين عمومًا، وحتى بين أهل الفكر، بأننا نكتب في إطار مشروع مبتكر ومتكامل لبناء الإنسان والمجتمع والدولة أسهم فيه علماء ومفكرون عراقيون، لكننا نقدمه بلغة المواطن . وإن كانت بعض المواضيع بطبيعتها عصيّة على التحويل إلى لغة مبسطة، فإننا نحاول دائمًا أن نكسر هذا الحاجز ونفتح أبواب الفهم للقارئ مهما كان موقعه أو ثقافته. أما عن غزارة الإنتاج، فليست نزعة فردية ولا بطر كتابة، بل هي إيمان عميق بأن الزمن لا ينتظر أحدًا. فنحن نكتب بتسارع لأننا نريد أن نسبق الزمن قبل أن يسبقنا، وأن نتناغم مع العالم المتسارع بخطوة للأمام لا للخلف. فما ننتجه اليوم هو زادُ الغد، وما نرصده من رؤى هو خريطة طريق لمن يريد أن يبني عراقًا جديدًا. |