محمد السوداني 

مع الإعلان النهائي لنتائج الانتخابات البرلمانية بدورتها السادسة، وما شهدته من تقدم كبير  لائتلاف الإعمار والتنمية بزعامة رئيس الوزراء وأمين عام تيار الفراتين محمد شياع السوداني، يبرز سؤال محوري يتصدّر النقاش السياسي والشعبي في العراق:

هل سيكون هذا الفوز بوابةً لولادة حكومة جديدة يسيرة وبولاية ثانية للسوداني؟ أم أننا قد نذهب نحو تعقيد سياسي يهدد ما تحقق من إنجازات على أرض الواقع؟

قبول داخلي وخارجي… وبيئة مواتية للاستقرار

خلال الفترة الماضية، تمكنت الحكومة من تحقيق مجموعة من الخطوات التنفيذية والخدمية التي اعترف بها الخصوم قبل المؤيدين، ولامس أثرها المواطن بصورة واضحة، وهو ما منح السوداني مقبولية داخلية لافتة وخلق انطباعًا إيجابيًا خارجيًا عن استقرار الأداء الحكومي وقدرته على إدارة الملفات المعقدة.

هذه البيئة السياسية قد تجعل القوى الفائزة تميل نحو الإبقاء على وتيرة العمل عبر دعم خيار التجديد، انسجامًا مع الحاجة لاستكمال المشاريع الاستراتيجية التي انطلقت بالفعل.

حكومة مبكرة ويسيرة… السيناريو الأقرب

في حال اتسعت مساحة التوافق بين الكتل الأساسية، ومع تقدم ائتلاف الإعمار والتنمية، فإن سيناريو تشكيل حكومة مبكرة، وبوقت أقصر، يبدو أكثر منطقية.

فالقوى السياسية مدركة أن العودة إلى المربع الأول، وإعادة خلط الأوراق، سيعني تعطيلًا جديدًا لمسارات الإعمار والتنمية التي ينتظرها الشارع، وسيضعها في مواجهة مباشرة مع الجمهور الذي صوّت من أجل الاستقرار والخدمات.

السيناريو الأصعب… نفق لا يريد أحد دخوله

في المقابل، لا يمكن إغفال احتمالية بروز تعقيدات سياسية – لا سمح الله – سواء بسبب تنازع الكتل على المواقع، أو دخول حسابات خارجية، أو تباينات داخل البيت السياسي نفسه.

هذا المسار، إن حدث، سيكون قادرًا على نسف جزء مهم من منجزات المرحلة الحالية، وسيقود البلاد نحو نفق مظلم لا يرغب العراقيون – ولا المجتمع الدولي – في رؤيته يتكرر.

لكن المؤشرات العامة، حتى اللحظة، لا تُظهر رغبةً لدى القوى الكبرى في الذهاب بهذا الاتجاه، نظرًا لكلفته العالية سياسيًا وشعبيًا.

ما الذي يريده الشارع؟

الشارع العراقي اليوم لا يبحث عن تغيير الأسماء بقدر ما يبحث عن ضمان استمرارية الإنجاز.

المواطن يريد حكومة قادرة على مواصلة ما بدأته:

مشاريع الإعمار والبنى التحتية،تحسين مستوى الخدمات،محاربة الفساد،خلق فرص العمل،الاستقرار السياسي والأمني

وهذا ما يجعل خيار الولاية الثانية – إن مضت به الإرادة السياسية – متوافقًا مع المزاج العام للجمهور الذي يريد البناء فوق ما تحقق، لا العودة إلى نقطة الصفر.

وعليه إن المشهد السياسي بعد إعلان نتائج الدورة السادسة يقف على مفترق طريقين:

طريق الاستقرار والتجديد واستكمال المشاريع

وطريق التعقيد والتراجع.

وبين هذين الخيارين، يبدو أن الظروف الواقعية والقبول السياسي والشعبي تجعل سيناريو ولادة حكومة جديدة يسيرة أكثر ترجيحًا، ما دام هناك إدراك جماعي بأن العراق لم يعد يتحمل الدخول في سيناريوهات معقدة قد تعرقل مسار الإعمار والتنمية الذي انتظره لسنوات طويلة.