محمد حسن الساعدي وسط التحولات المفاجئة والمتسارعة في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط وتحديداً العراق برز اسم «مارك سافايا» كمبعوث خاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى بغداد،في خطوة أثارت اهتماماً واسعاً وجدلاً سياسياً داخل الأوساط العراقية والدولية، كون هذا التعيين يعكس توجهاً جديداً في إدارة ترامب، يقوم على التواصل المباشر مع الدول الحليفة عبر شخصيات غير تقليدية، تحمل خلفيات اجتماعية واقتصادية أكثر من كونها دبلوماسية. المبعوث الامريكي «مارك سافايا» هو رجل أعمال أمريكي من أصل عراقي كلداني، ينحدر من مدينة ديترويت، ويعمل في مجال الصناعات الطبية، بما في ذلك القنب الطبي، إذ لم يشغل أي منصب حكومي أو دبلوماسي سابق، لكنه يُعرف بولائه الشديد للرئيس ترامب، ويصف نفسه بأنه «وطني أمريكي وعراقي»، ويؤمن ويعمل على إمكانية إعادة بناء العراق من خلال دعم السيادة ومكافحة الفساد وإبعاد العراق عن التأثيرات والتدخلات الخارجية وإبعاده عن أي صراع يمكن أن يؤثر على أستقراره. مهمة «سافايا ستتركز على عدة محاور استراتيجية منعا تعزيز سيادة الدولة العراقية من خلال دعم المؤسسات الأمنية والمدنية، وتشجيع الحكومة على بسط نفوذها على كامل الأراضي العراقية، والعمل على منع التأثيرات الخارجية،والذي تعتبره واشنطن تهديداً مباشراً لاستقرار العراق والمنطقة، بالاضافة الى تشجيع الاستثمار الأمريكي والدولي، خصوصاً في قطاعات الطاقة، البنية التحتية، والصحة وتنشيط دور الاستثمار الاجنبي بما يعزز قدرة العراق على إعادة البنى التحتية للبلاد، وإيجاد رؤية واضحة في الانفتاح على بقية المكونات العراقية بما فيها المسيحيين والكلدان، في محاولة لإعادة التوازن المجتمعي والسياسي بما يعزز دور المشاركة السياسية في صنع القرار السياسي والسيادي العراقي. ردود الافعال تباينت المواقف داخل العراق تجاه تعيين سافايا كمبعوث للرئيس الامريكي، فبعض القوى السياسية رحبت بالمبادرة، معتبرة أنها فرصة لإعادة ترتيب العلاقة مع واشنطن بعيداً عن البيروقراطية التقليدية،وفرصة مهمة في إبعاد العراق عن أي صراع قادم للمنطقة وسط تمهنات أن الشرق الاوسط لا يمكن له ان يكون في وضعه الحالي ويحتاج الى متغيرات كبيرة تريدها الادارة الامريكية وإسرائيل. هناك بعض الاطراف السياسية شككت في دوافع تعيين سافايا،واعتبرته محاولة أمريكية لإعادة فرض النفوذ عبر شخصيات غير رسمية تجاوزت مرحلة الدوائر والمؤساسات والبيرقراطية ليكون القرار مباشر وبدون أي دوائر دبلوماسية يمكنها أن تؤثر على توجهات إدارة ترامب في معالجة المشكلات في العالم، وهناك من يرى أن سافايا قد يعيد سيناريو التدخل الأمريكي في تشكيل الحكومات العراقية، كما حدث عام 2010. يمكن القول أن تعيين سافايا يعكس تحولاً في أسلوب إدارة ترامب للعلاقات الدولية، حيث يفضل الشخصيات المقربة منه على الدبلوماسيين التقليديين، كما أن اختيار شخصية ذات جذور عراقية يهدف إلى كسب ثقة بعض المكونات والقوى السياسية العراقية،وتقديم صورة أكثر قرباً من الداخل العراقي وبصورة مباشرة عبر دائرة ضيقة وبدون رتوش. أن من أهم التحديات التي تقف عائقاً أمام مهمة «سافايا» هي غياب الخبرة الدبلوماسية والتي قد تحد من قدرته على التعامل مع التعقيدات السياسية العراقية، والرفض الشعبي لأي تدخل خارجي في الشأن الداخلي العراقي، خصوصاً بعد تجربة الاحتلال الأمريكي والتي لاقت رفضاً واسعاً من الاوساط المجتمعية واعتبرته حينها احتلالاً للعراق لايمكن السكوت عنه، بالاضافة الى تشابك المصالح الإقليمية والدولية في العراق، مما يجعل مهمته محفوفة بالمخاطر. يبقى تعيين مارك سافايا اختباراً لمدى قدرة واشنطن على إعادة صياغة علاقتها مع بغداد، في ظل واقع سياسي متغير، وتحديات داخلية وخارجية متشابكة، لان نجاحه أو فشله سيترك أثراً عميقاً في مستقبل العلاقة بين البلدين، وقد يحدد ملامح المرحلة المقبلة في السياسة الأمريكية تجاه العراق والمنطقة عموماً ويترك أثراً سيئاً للمجتمع العراقي والقوى السياسية التي بالتاكيد سيكون لها موقفاً من هذا الفشل. |