صادق السامرائي من أركان الديمقراطية أن تجري الإنتخابات , التي ستأتي بالطالح والصالح , ولا يمكنها أن تضم جمعا من الصالحين وحسب , ولهذا فأن الصراع في أروقة البرلمانات يكون بين السلبي والإيجابي , أو بين الشر والخير , ووفقا لهذه المعادلة التصارعية تكون النتائج المؤثرة في المجتمع. فليس من الصواب التوهم بأن جميع أعضاء البرلمان من الصالحين , بل ربما فيهم الضار المعادي للمصالح الوطنية , وقد يكون ذراعا لفوة طامعة في البلاد. فالذين يتوهمون بتزكية أعضاء أي برلمان وإعتبارهم يعملون لصالح المواطنين , هم على غير صواب , فبعضهم تهمه مصالحه , وما يجنيه من المال الثابت والمتحرك , وراتب تقاعدي كبير مدى الحياة , إضافة للإمتيازات الأخرى. فالذي ينتخبه ربما يكون من المغرر بهم والمخدوعين , والذين يعملون بمنطق التبعية العمياء والسمع والطاعة , والتوهم بأن إبن المنطقة أو الفئة هو الأصلح , دون النظر إلى البرنامج الإنتخابي الذي يريد خوض الإنتخابات من أجله. فالديمقراطية عملية سنترفيوج , أي أنها ذات طاقة طرد مركزي , تساهم في تنقية آليات التفاعل ما بين البرلمان والمصالح الوطنية , وليس من السهل الوصول إلى مستويات الإستقرار الوطني والسلوك الإنتخابي النزيه , لأن الشوائب كثيرة وقدرات الطرد المركزي ربما لا تنجز عملها بالسرعة المطلوبة , لوجود العثرات والمعوقات أمام عجلات دورانها. لا يوجد برلمان مطهَّر وملائكي الطباع , فأعضاؤه من البشر الموبوئين بالرغبات المتنوعة , والتطلعات الأنانية ذات المنافع الشخصية , فليس من السهل العثور على برلماني متحرر من قبضة الرغبات والفرص المتاحة له , ويعمل بتجرد وإيمان بوطنه ومصالح شعبه , ويعبّر عن إرادة الذين إنتخبوه. ومع كل المثالب , فالديمقراطية تمثل الخير النسبي الممكن , وفيها قدرات التحول إلى كينونة ذات تعبير أفضل عن جوهر الشعب , لأنها كالماء الجاري , الذي إن لم يسلْ لم يطبِ. فما دام نهر الديمقراطية في جريانه وتدفقه , فأنه سيأتي بما هو طيب , وسينتصر على السيئات , ويمحق الفساد والفاسدين , وسيلقي بهم على جرف النسيان. ولن تدوم المالقراطية والفساد قراطية والفيئويقراطية , فالدوران سيلقي بها على جرف هارئ , ولن يتواصل إلا ما ينفع الناس , ويجعل البلاد تفخر بأهلها المخلصين الصادقين الأوفياء الصالحين. هي الأيام تأخذنا لمَجدِ وتُعْلمنا بأشواطِ التحدي لنا شعبٌ يكنّز مُرتقاهُ ويَسعى نحوَ عاليةٍ كفردِ إذا دامَ الفسادُ بأرضِ قومٍ تولاها التصارعُ والتردّي |