دخلت السياسة البريطانية في دوامة من الاضطراب يوم الجمعة، بعد أن خسر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون رهانه الخطر، على بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد أن صوت البريطانيون بفارق ضئيل لمصلحة خيار الخروج.
كان كاميرون، كما هو معروف، يقود حملة لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، ولو كان قد نجح في إقناع غالبية الناخبين بتأييده، لكان قد حظي بالثناء، باعتباره رئيس الوزراء، الذي راهن على مسألتين من مسائل الهوية الكبرى بالنسبة لبريطانيا وهما اسكتلندا والاتحاد الأوروبي، وكسب الرهان في الحالتين.
ولكن ما حدث أن كاميرون أعلن صباح الجمعة الماضي استقالته من منصبه، وقال: «إن البلد في حاجة لقيادة جديدة».
وقال كاميرون في كلمته أيضاً، إنه يجب أن يكون هناك زعيم جديد لحزب «المحافظين» بحلول شهر أكتوبر القادم، مطلقاً بذلك إشارة البدء لسباق ينتظر أن يكون محموماً على زعامة الحزب.
وقرار كاميرون المفاجئ بالاستقالة، جاء بعد عام واحد فقط على قيادته لحزب «المحافظين» ونجاحه في الحصول على أغلبية برلمانية مفاجئة. وكان كاميرون قد صرح بأنه سيظل في منصبه بصرف النظر عن النتيجة التي سينتهي إليها الاستفتاء على بقاء بريطانيا أو خروجها من الاتحاد، وهو ما طالبه به أيضاً 84 نائباً محافظاً، تبنوا موقفاً مؤيداً لبقاء بلدهم ضمن المنظومة الأوروبية.
وقد أصبح السؤال المتعلق بما إذا كان كاميرون قادراً على البقاء- أو يجب أن يصر على البقاء- هو المهيمن على النقاش الوطني، بعد أن صوتت أغلبية البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي.
السؤال الأهم الآن هو: من يستطيع أن يخلفه؟ وفقاً لـ«روبرت آدامز»، المتحدث باسم وكالة «ويليام هيل» للمراهنات، فإن المنافسين الرئيسيين على خلافة كاميرون هم: بوريس جونسون، وتيريسا ماي، وجورج أوزبورن، ومايكل جوف.
إذا كان ديفيد كاميرون هو أكبر خاسر سياسي في هذا اليوم، فإن بوريس جونسون، كما يرى كثيرون، هو الرابح الأكبر بعد أن أيدت غالبية الناخبين حملته للخروج من الاتحاد الأوروبي، المعروفة اختصاراً بـ«بريكسيت». وجونسون واحد من أشهر السياسيين في البلاد، ومعروف عبر البلد باسمه الأول «بوريس»، وشغل من قبل منصب عمدة لندن، وأقدم على مقامرة كبرى عندما راهن على خروج بلاده متحدياً رئيس الوزراء وكسب الرهان في خاتمة المطاف.
أما «تيريسا ماي» وزيرة الداخلية البريطانية، فقد قادت حملة من أجل «بقاء» بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وإن لم تحظ حملتها بالبروز. وينظر إليها بشكل عام على أنها تتمتع بقدرات جيدة على تشغيل دولاب العمل في وزارة الداخلية، وهي وزارة ينظر إليها تقليدياً على أنها من الوزارات الصعبة.
ويشار إلى أن «مجتبى رحمن» المحلل لدى «يوروآسيا جروب» قال في إيجاز صباح الجمعة، إن الصراع على القيادة، سيتمخض في نهاية المطاف عن سباق بين جونسون وماي.
و«ماي» تتميز بالكفاءة في عملها، وهي محبوبة من قبل نظرائها في أوروبا، الذين يعتقدون، عن حق، أنها ستكون شريكة مفاوضات أكثر سلاسة من جونسون.
وبخصوص جورج أوزبورن، فهو وزير المالية منذ فترة طويلة، وينظر إليه على أنه خليفة كاميرون المنتظر، ولكن نجمه أفل خلال الفترة التي استغرقتها حملات الاستفتاء، وانتقد عديدون التكتيكات التي اتبعها في حملته.
كما تعرض لانتقادات من زملائه «المحافظين»، عندما قال إن التصويت على الخروج، سيتطلب من الحكومة الدفع في اتجاه ميزانية طوارئ، لتجميع 30 مليار جنيه استرليني، لسد الفجوة التي ستنشأ نتيجة للتأثير السلبي الذي سيلحق بالاقتصاد جراء خروج بلاده من المنظومة الأوروبية.
أما مايكل جوف، فيشغل منصب وزير العدل، وهو شخصية مثيرة للجدل محبوبة من البعض، ومكروهة من البعض الآخر. وجوف أو «جوفر» كما يسميه جونسون، كان أحد الشخصيات الرئيسية في معسكر الخروج.