السوداني: العراق يقترب من تحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية AlmustakbalPaper.net المجلس الوزاري للاقتصاد: تخفيض مبلغ إصدار بطاقات الدفع الإلكتروني بنسبة 50% AlmustakbalPaper.net رئاسة البرلمان توضح بشأن تصريحات منسوبة لوزير الموارد المائية حول الإطلاقات التركية AlmustakbalPaper.net العمل تستعد لإطلاق أول مركز اتصال من نوعه في العراق AlmustakbalPaper.net أنصار الله: استهدفنا السفينة «ماجيك سيز» بزورقين مسيرين وصواريخ باليستية AlmustakbalPaper.net
التصحر الفكري
التصحر الفكري
أضيف بواسـطة
أضف تقييـم
امين السكافي
للأسف، نحن نعيش أسوأ أيام المعرفة بشكل عام، وعربيًا بشكل خاص. فقد أضحى الكتاب غريبًا في عالم من الأضاليل والأكاذيب، وأصبح مسح الغبار عن الكتب هو السائد، لا حبًا بها، بل نتيجة قلة أو ندرة استعمالها.
باتت الكتب جزءًا من الديكور في مكاتب كثيرين ممن يعملون في الشأن العام، حتى ليظن الناظر أن هذه الشخصيات تحتوي في صدورها على الحكمة والمعرفة، في حين أن تلك الرفوف تحمل كتبًا لم تُقرأ، وكأنها شواهد على زمن مضى لا يُراد له أن يعود.
أصبحنا نستهين – كمجتمعات – بالدخول إلى الأجهزة المحمولة أو غيرها، للبحث عن معلومة، أو لتتبّع الأخبار، في عالمٍ يفيض بالأخبار الزائفة أو الكاذبة، أو ربما الصحيحة لكن لا يُحسن توقيت إعلانها. وصار التراشق الإعلامي سلاحًا بيد الجميع، يشعل نيران الفتنة دون حساب، ودون اعتبار لما يترتب عليه في الشارع من عداوات، ومشاكل، وربما حروب ومعارك.
كانت الكتب، ومجالسة العلماء – مهما كان تخصّصهم – هي أفضل الوسائل لاكتساب المعرفة. وقيل قديمًا:
“العلم يُؤخذ من صدور العلماء، لا من بطون الكتب فقط.”
أما اليوم، فلا العلم يُحترم، ولا العلماء. وبدلًا من كتاب أو أطروحة فكرية تحمل بين طيّاتها كنوزًا معرفية، تجد مجتمعاتنا تتنافس في نشر وإعادة نشر مواد تافهة، لا تغني ولا تسمن من جوع، بل تسهم في تشويه الرأي العام، وإنزاله إلى دركٍ وراء درك، حتى يصل إلى حضِيض السخافات.
كانت الكلمة ذات يوم بأهمية الأنفُس التي تتلفّظ بها. وقد وصفها الله في كتابه العزيز بأجمل وصف:
“ألم ترَ كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون. ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتُثت من فوق الأرض ما لها من قرار.”
هذا هو عمق الكلمة، ووزنها.
ليس المهم أن تتكلم، بل المهم ماذا تقول.
أذكر أنني قرأت حادثة حصلت مع الفيلسوف سقراط، حين جاءه شاب متبختر في مشيته، واثق بنفسه، وسيماً بمظهره. فنظر إليه سقراط مطولاً، ثم قال كلمته الشهيرة التي أصبحت مثلًا:
“تكلّم حتى أراك.”
ومع احترامنا لكل العلماء والأدباء والمثقفين، أحياءً وأمواتًا، فقد تركوا إرثًا يغني العقول، تتناقله الأجيال جيلًا بعد جيل، فيرتقي بهم المتكلّم والمستمع على حدٍّ سواء.
فكل إناء ينضح بما فيه، أما من يظن نفسه عارفًا لأنه حفظ بعض الشعارات يرددها كالببغاء، ويرتفع صوته ظنًا منه أن هذا من فنون الخطابة، ويصعد المنابر (في الواقع أو في العالم الافتراضي) متوهّمًا أنه من ورثة الأنبياء والعلماء، فهو في الحقيقة إناء فارغ لا يخرج منه إلا فقاعات صابون لا تلبث أن تتلاشى في الهواء.
وأخيرًا، دعونا نختم بهذا التوصيف الرائع للكلمة، من كلام الإمام الحسين (ع) مع الوليد، حاكم المدينة المنورة، حين طالبه بمبايعة يزيد بن معاوية:
قال الوليد:
“نحن لا نطلب إلا كلمة، فلتقل بايعتُ، واذهب بسلام إلى جموع الفقراء، فلتقلها وانصرف يا ابن رسول الله حقنًا للدماء، فلتقلها، ما أصغرها! إن هي إلا كلمة.”
فأجابه الإمام الحسين (ع):
“كبرَت الكلمة. وهل البيعة إلا كلمة؟ ما دين المرء سوى كلمة؟ ما شرف الرجل سوى كلمة؟ ما شرف الله سوى كلمة؟ أتعرف ما معنى الكلمة؟ مفتاح الجنة في كلمة، ودخول النار على كلمة، وقضاء الله هو الكلمة. الكلمة نور، وبعض الكلمات قبور. بعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري. الكلمة فرقان ما بين نبي وبغي. بالكلمة تنكشف الغُمّة، الكلمة نور ودليل تتبعه الأمة. عيسى ما كان سوى كلمة أضاء الدنيا بالكلمات، وعلّمها للصيادين فساروا يهدون العالم. الكلمة زلزلة الظالم. الكلمة حصن الحرية. إن الكلمة مسؤولية. إن الرجل هو الكلمة. شرف الرجل هو الكلمة. شرف الله هو الكلمة.”
رابط المحتـوى
http://almustakbalpaper.net/content.php?id=88492
عدد المشـاهدات 160   تاريخ الإضافـة 03/06/2025 - 09:27   آخـر تحديـث 08/07/2025 - 09:59   رقم المحتـوى 88492
محتـويات مشـابهة
الحكيم يدعو إلى تجريم قمع الرأي والتهميش وسلب الحقوق والاضطهاد الفكري
دور النخب الفكرية
مستقبل أخضر.. جهود لمكافحة التصحر بزراعة 50 ألف شجرة في الموصل
التقوقع الفكري
الاختلاف الفكري بين العقل والحرية

العراق - بغداد - عنوان المستقبل

almustakball@yahoo.com

الإدارة ‎07709670606
الإعلانات 07706942363

جميـع الحقوق محفوظـة © www.AlmustakbalPaper.net 2014 الرئيسية | من نحن | إرسال طلب | خريطة الموقع | إتصل بنا