بقلم / محمد السوداني
يمثّل الدكتور بهاء النوري واحداً من النماذج الاستثنائية في المشهد السياسي العراقي عموما و الميساني على وجه الخصوص، ليس لأنه فاز بعضوية مجلس النواب في دورته السادسة فحسب، بل لأنه حمل همّ الخدمة العامة قبل أن يحمل لقب نائب. فمنذ أن عرفته ميسان، عرفته شخصية تضع المواطن أولاً، وتنظر إلى العمل السياسي بوصفه مسؤولية أخلاقية قبل أن يكون منصباً أو موقعاً. تميّز النوري بخطٍّ مختلف عن السائد من خلال صدقه وإخلاصه ووفائه لأهله وناسه. فالرجل لا يعيش خلف الأبواب المغلقة ولا يحيط نفسه بالحواجز، بل فتح مجلسه أمام الجميع بلا تمييز بين مؤيد ورافض، مؤمناً بأن المسؤول الحقيقي هو من يسمع النقد كما يسمع الثناء، ويتعامل مع الناس على قاعدة الحق للجميع وليس لجمهور معيّن. ولعل ما رسّخ حضوره في وجدان أبناء ميسان هو طريقته الفريدة في إدارة شؤون المواطنين؛ فهو يتابع معاملات الناس بنفسه، ويحمل بريدهم بيده إلى الجهات المعنية، رافضاً الاكتفاء بإرسال معتمد أو تركها تتراكم على مكاتب الموظفين. هذه الصفة شكّلت حالة نادرة في العمل النيابي، وأعطت معنى جديداً لفكرة أن يكون النائب قريباً من الناس بالفعل لا بالخطابات. بهاء النوري لا يمارس العمل السياسي من أجل الواجهة أو الظهور الإعلامي، بل يعمل بصمت، ويعتمد على المثابرة اليومية، ويؤمن بأن الخدمة الحقيقية تقاس بالأثر لا بالكاميرات. لذلك ظلّ حاضراً في تفاصيل الحياة الميسانية، من متابعة شكاوى المواطنين إلى التوسط في حل المشكلات، ومن التابع إلى الإنجاز، ومن الهمّ العام إلى الفعل المباشر. واليوم، مع تجديد الثقة به عبر صناديق الاقتراع، يبدو أن أبناء ميسان لم يمنحوه صوتاً فحسب، بل منحوه رسالة مفادها أن الصدق ما زال له مكان، وأن العمل الميداني الحقيقي قادر على أن يتفوق على كل شيء آخر. إن فوز الدكتور بهاء النوري لم يكن حدثاً انتخابياً عادياً، بل كان تأكيداً على أن الناس تعرف من يعمل لأجلهم، وتعرف من يستحق أن يمثلها تحت قبة البرلمان.بهاء النوري هو ذلك النائب الذي يختصر المسافة بين المواطن والدولة، ويعيد للسياسة معناها الإنساني، ويثبت أن خدمة الناس ليست شعاراً… بل ممارسة يومية تبدأ من القلب وتصل إلى الميدان. |